كوروناغراد


انطلق جهاز الإنذار المبكّر و دقّت أجراس صافرات الإنذار و أخذت تُدوّي في المحيط لمنطقة المعركة المحتملة ، و بدأت قطرات العَرق تنساب من أعلى الجبين خلال الدقيقة الأولى للتمرين على خِلاف العادة حيث تبدأ عملية التعرّق خلال العشر دقائق الأولى ، مما أوحى أنّ ثمّة اختراق لأنظمة الدفاعات لكن لا يُعلم السبب و المصدر ، و ربّما تشير أنّ العدو أطلق عيونه ليستكشف مكامن الضعف و نقاط الاختراق الهشّة .

بدأ التعب و الإعياء و الأرهاق و جميع هذه المؤشّرات تدل على بدء التقاء طلائع الجيوش .
خلال ثلاثة أيام من الرصد و التّرقّب بدأت أمارات المعركة باحتقان في الحلق و انسداد بالأنف مع رشح و تطوّر لاحقاً إلى فقد عمليّة الشم و التذوّق تدريجياً .

انطلق وزير الإعلام إلى المجلس الأعلى للقيادة العامة و التقى القائد الأعلى للقوات المسلّحة ليخبرهُ بنتيجة الاختراق الإعلامي و التشويش على رادارات الدّفاع حيث أظهر الخصم إيجابية الفحص و أذاعها على الملأ من غير اكتراثٍ باستعدادات الجسم لاستدعاء قوات الاحتياط .

بدأ التحام الجيوش ليلاً فارتفعت حرارة الأرض و بدأ تساقط الأبطال في ميدان المعركة الذي كان يتركّز في الرّئتين ، و أخذ كل طرفٍ يلملم جراحه عند بزوغ الفجر لتهدأ ساحة المعركة في النهار ، و لِتعاود السيوف و الرماح الطعن و المجالدة طوال الليل و هكذا دواليك .

بعد الأسبوع الأول من القتال الدامي بعث قائد القوات التّاجيّة ( و فيروساته الكورونية) برسالة إلى قائد قوات الدفاع الجِسميّة المشتركة يدعوه فيها لرفع الراية البيضاء و الاستسلام و إلا لألهبَ ساحة المعركة بعواصف سايتوكاينيّة لكن كان رد القيادة العليا صادماً بقولِهم هذا الميدان لِمن غلب .

بعث قائد قوات الدفاع المشتركة إلى جميع قطاعاته يدعوهم فيها لِرص الصفوف و استدعاء قوات الصاعقة الليمفوسايتيّة و قوّات الاستخبارات الفاقوسايتيّة و بدأ الاستعداد لخوض المعارك الطاحنة .

التحم الجيشان في الجهة الخلفيّة من الرئتين و بدأ النّفس بالتسارع و الكحّة بالتواصل مما دلّ على وصول الجيشين لنقطة اللاعودة .

ارتفعت حرارة الميدان و بدأ الأبطال يخوضون أشرس المعارك الجسدِيّة ، و استدعى قائد الميدان قوات الدّرك بقُدراتها القويّة و دروعها التي تم تطعيمها بالمضادّات الحيويّة و تم تطبيق المبدأ العسكري " الجيوش تزحف على بطونها "

نصح قائد الميدان بقلب أرض المعركة و النوم على البطن لساعات طويلة ليتيح الوقت لأخذ النّفس و لملمة جِراح المُصابين و لتقليل الفرصة لاحتمالية استخدام الأكسجين .

بعد الصّراع الدامي لمدة خمسة أيام بعد الأسبوع الأول ، أخذ العدو بالتراجع و تكسّرت تيجانُهُ و بدا أن الخصم يفقد السيطرة على قواتِه التي مُنِيت بالهزيمة النكراء ، و أرسل قائد قوات الدفاع المشتركة برسالة تهنئة للقيادة العليا و بعض الهدايا من المضادّات محلّية الصّنع و التي تحتوي على الإميونوغلوبين من النوع IgM و IgG , مُظهراً تفوّق قوات الدفاع و رأب الصدوعات و أماكن الاختراق و رسالة تحذير شديدة الفحوى لبعض المُستقبِلات الجسديّة من النوع ACE2 ، داعياً إيّاها لليقظة مُستقبلاً عن أي عملية اختراق مُحتملة .

كانت أرض المعركة شاهدةً على قدر التضحيات التي قُدّمت و الشهداء الذين سقطوا في المعارك السابقة رحمهم الله و أوسع لهم في قبورهم ، كذلك أرض الميدان الواقعية في المستشفيات و التي تم طحن القطاعات الطبّية فيها من غير هوادةٍ طوال هذه الشهور للمحافظة على حياة المصابين و تقديم يد العون لاجتياز المراحل الصعبة من المرض .

نرى بتجلّي أفضال الله جلّ جلاله التي لا تُحصى و أنعامه التي لا تنقطع فنحمده و نشكره " قُل بفضل الله و برحمتِهِ فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ  ممّا يجمعون "

أبو معاذ
د.عزيز الظفيري
azizfeomkuwait@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لوباتشينو والثقة المعدومة

بحّارة على نهر الفولغا

روعة اللحظة