المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2020

كوروناغراد

انطلق جهاز الإنذار المبكّر و دقّت أجراس صافرات الإنذار و أخذت تُدوّي في المحيط لمنطقة المعركة المحتملة ، و بدأت قطرات العَرق تنساب من أعلى الجبين خلال الدقيقة الأولى للتمرين على خِلاف العادة حيث تبدأ عملية التعرّق خلال العشر دقائق الأولى ، مما أوحى أنّ ثمّة اختراق لأنظمة الدفاعات لكن لا يُعلم السبب و المصدر ، و ربّما تشير أنّ العدو أطلق عيونه ليستكشف مكامن الضعف و نقاط الاختراق الهشّة . بدأ التعب و الإعياء و الأرهاق و جميع هذه المؤشّرات تدل على بدء التقاء طلائع الجيوش . خلال ثلاثة أيام من الرصد و التّرقّب بدأت أمارات المعركة باحتقان في الحلق و انسداد بالأنف مع رشح و تطوّر لاحقاً إلى فقد عمليّة الشم و التذوّق تدريجياً . انطلق وزير الإعلام إلى المجلس الأعلى للقيادة العامة و التقى القائد الأعلى للقوات المسلّحة ليخبرهُ بنتيجة الاختراق الإعلامي و التشويش على رادارات الدّفاع حيث أظهر الخصم إيجابية الفحص و أذاعها على الملأ من غير اكتراثٍ باستعدادات الجسم لاستدعاء قوات الاحتياط . بدأ التحام الجيوش ليلاً فارتفعت حرارة الأرض و بدأ تساقط الأبطال في ميدان المعركة الذي كان يتركّز في الرّئ...

النّدّية نهجاً

الندّية هي التنافس الشريف بين النّظراء القائم على الاعتزاز بالموروث و الاعتداد بالحاضر و المُضي للمستقبل  من غير تبعِية أو  انحناء للآخرين . فالنّدّية ، و هنا أخص بالذكر النّدّية في السياسية الإقليمية ،  مُمثّلةً بدول مجلس التعاون الخليجي هي ضرورة مُلِحّة  مُقابل الكيانات المحيطة بإقليمنا سواء الشرق الفارسي أو الشمال التركي أو الكيان الصهيوني وهي مسألة غاية في الأهمية في قادم السنوات . تربط بعض دول الخليج علاقات ثنائية مع بعض هذه الكيانات و هناك تبادل دبلوماسي و تجاري بين بعض تلك الكيانات و بعض دول الخليج ، لكن ما يربط دول الخليج بعضها ببعض أعظم و أهم ثقافياً و تجارياً و سياسياً و جغرافياً و تاريخياً و مصيراً مشتركا . فالمحافظة على تماسكنا و لُحمتنا الخليجية ، و منع اختراق دولنا خصوصاً بعدما طرأ من علاقات مع الكيان الصهيوني من بعض دول الخليج ، و إصلاح الاعتلالات التي حصلت و رأب الصّدع الخليجي و مد جسور الثقة من جديد و إظهار المرونة في ذلك هو أهم رافد للنّدّية ، يلي ذلك المحافظة على مصالح الخليج العُليا و السعي لتقارب الرّؤى ،  و الدفع باتجاه اتحاد خليجي فيما يخص السياسات الدفاعية الخا...

روعة اللحظة

في نهارٍ فكتوريٍ جميل على ضفاف المحيط الهادئ انطلقتُ من مسكني المجاور لمستشفى رويال جوبيلي في أول يوم عمل في هذه الجزيرة الفريدة . في ذلك الصباح الذي كان فيه كل شيء مبتسماً و في يدي قهوتي الفرنسية التي لا تزال ذاكرتي ترتشف من عبقِها ، قابلت البروفيسور ستيف سوليفان الذي بلغ من العمر قُرابة السبعين عاماً لكنّك ترى فيه القدر العالي من النشاط و الحيوية و الانتاجية التي ربّما لا تجدها عند الكثيرين ممّن يُسمّون أنفسهم شباباً . التقينا ذلك اليوم مع ثُلّةٍ من الزملاء و الزميلات الذين كانوا يتصبّبون حيويّةً و بهاءً . في لقاء التعارف الأول لنا و لمعرفة خطّة سير العمل في هذا المستشفى افتتح الدكتور سوليفان اللقاء مُعرباً عن شُكرِه لنا جميعاً لاختيارنا هذا المكان لنقضي فيه شهرين من أيام زمالتنا لنعمل و نتعلّم . من الأمور التي ظلّت راسخة في الذاكرة و لا تمحوها الأيام قوله عن " خلطتي السّريّة " للسعادة فأخذنا نستمع بلهفة له لنتعرّف على مكوّنات هذه الخلطة . قال : أولاً ، في أوقات العمل اعمل بإخلاصٍ و تفانٍ من أول دقيقةٍ إلى آخر ثانيةٍ في العمل و استمتع بجميع اللحظات الإنسانية التي تخد...