فرنسا ذات العطور وخطبة ماكرون في جامع باريس الكبير

اصطحبْتُ كامِرتي و اتّجهت إلى نهر الغارون على الضفة الغربية منه باتجاه كاتدرائية بوردو ، و أخذتُ أرقُبُ المشهدَ من زاويةٍ ضيّقة حيث تهب نسائم خليج غاسكونيا من ناحية المحيط الأطلسي .
أخذ الدوق أودو يثير الحماسة في جيشِه و استدعى القادة و الجنرالات ، وشَرَعَ يؤمّلهم بالنصر و توزيع الغنائم .

لم يشاهدني أحد في تلك الساعة و إلا لكُنتُ من أوائل الشهداء في الإسلام غرب فرنسا .

بدأتُ أرى طلائع جيش المسلمين تدخل بوابات و قِلاع بوردو ، و أخذ صوت التكبير يعلو و التحم الجيشان على ضفاف النهر الذي استحال دماً و عَرَقاً و دموعاً و عطوراً فرنسية .

ركّزتُ كامِرتي في وسط الميدان ، و إذا بفارسٍ عظيم و قائدٍ جبّار يمتطي جوادَهُ الأبيض رافعاً سيفه ليخترق صفوف الفرنسيين حتى كسر صليبهم و دخل الكاتدرائية و أعلن النصر المبين ، و استسلم الجيش الفرنسي و انهزم شرّ هزيمة و هرب حاكم بوردو الدوق أودو باتّجاهِ باريس .

قرأ الغافقي خطاب النصر و أهداهُ لِروح شهيد الإسلام وقتئذٍ السمح بن مالك الخولاني الذي استشهد في معارك تولوز في وسط الجنوب الفرنسي .

ثم ذهب عبدالرحمن الغافقي بجيشِه مُتّجهاً إلى باريس لفتحِها و إدخال أهلِها للإسلام ، فسِرتُ مع الجيش آكلُ من أكلِهم و أشربُ من مائهم و أصلّي خلفِ الصفوف و كُنتُ حريصاً أشد الحِرص على المحافظة على كامِرتي لأسجّل للتاريخ مواطن عِزّتنا ، و تضحيات أجدادنا .

استنجد الدوق أودو الهارب من ميدان بوردو ، بملِك فرنسا شارل مارتن ، فبعثتُ حينها طائرة الدرون الخاصة بي ، لأرقب لقاءهما .
أخذ المايكروفون الدوق أودو و قال " يا طويل العمر " طبعاً باللغة الفرنسية " وُخِذنا " على حين غِرّةٍ ، فكان رد الملك الفرنسي بعد بلعِهِ لِريقِهِ ، لا تؤخذ و أنت في بِلاطِ مُلكي و تحت رحمتي .
" لأبعثنّ عليهم بعثاً كبيراً يمزّق شوكتهم و يكسر تطلّعات هؤلاء العرب الأوغاد ، و لكن عندي شرطٌ ، و هو أن تدخل بوردو تحت حُكمي حالَ انتصاري ، فلم يجد هذا الجبان الهارب إلا أن يذعن لهذا الابتزاز .

رأيتُ بأمّ عيني البسمة على مُحيّى السكّان المحليين في كل مدينة نفتحُها في فرنسا ، و نظرات الإعجاب لنا ، و الفرحة لتخليصهم من ظلم النبلاء و الاقطاعيين و تسلّط الكهنة و رجال الدين ، و في كل قرية فرنسية ندخلها كان أهلها يقدّمون لنا أطباق الفاكهة ، و الذّرة ، و جبنة الكامبرت الفرنسية الطّريّة الشهيرة مع اللحم البقري المُقدّد و النبيذ الأحمر و لم يعلموا أنّ " ما أسكرَ كثيرُهُ فقليلُهُ حرام "

.
في طريقه لمواجهة الزحف الإسلامي ، مرّ الملك شارل مارتن على قبر عنبسه بن سحيم الكلبي الذي وصل بجيشهِ سبعين كيلومتر عن باريس ، و قال لا تخف يا أودو ، هذا القائد وصل إلى باريس و لم يستطع فتحها لكنّه اتجه إلى ممالك فرنسا الضّعيفة شرقاً و دخل مدينة ليون و افتتحها و عسكر بالقرب من نهر الرون غرب جنيف ، و لم يستطع إسقاط باريس التي حصّنها الرب ، فأخذ الدوق أودو يهزّ ذيلَهُ و يهمهِمُ بكلماتٍ في جوفِهِ لم تستطع كامرتي التقاطها .

أرسلتُ رسالة عاجلةً للقائد عبدالرحمن الغافقي مع شريطٍ مصوّر عمّا دار في عرشِ الملك شارل مارتن ، فشكرني وقتها ، و قال لا تخف قد أرسلت عيوني قبل أن تصِل كامرتك ، و أعلم أن القوم استعدّوا للمعركة الفاصلة التي أرجو الله جلّ جلاله أن يكتبني فيها من الشهداء و يفتح على من يأتي بعدي .

التقى الجيشان في بواتييه على بعد ثلاثمئة كيلومتر من باريس ، و دارت رحى المعارك لمدة عشرة أيام ، و سجّلتُ جميع اللحظات التي حملَ فيها المسلمون على قِطاعات الجيش الفرنسي و كيف تم تمزيق الفرنسيين الذين استماتوا لتبقى فرنسا على كُفرِها بالله .

و في لحظةٍ من الغفلة ، أتى سهمٌ طائش من فرنسيٍ ، ذي رائحةٍ كريهةٍ لم يعرِف الاستحمام في حياتِهِ البتّةَ ، فاستقرّ السهمُ في قلبِ قائد المسلمين عبدالرحمن الغافقي فوقعَ شهيداً ، و دفنتُهُ أنا و مجموعة من الجنود جنوب باريس في قبرٍ على ضفاف نهر كلَيْن حيث سقطت كامرتي و جرفها الماء ، فأضحى ذلك الصباح و قد انتشرت رائحة الجنّة في الجنوب الفرنسي ، و أمست بلاط الشهداء شاهدةً على مدى التضحيات التي بذلها أجدادنا لانتشال الفرنسيين من نيرِ العبودية للهوى إلى رحابة الحرّية و عبادة رب الأرض و السماوات العُلى .

بعد مقتل الغافقي ارتأى جيش المسلمين أن ينسحب من ميدان المعركة ، و اتجهوا جنوب فرنسا حيثُ اشتريتُ من قِسّيسٍ فرنسي طائرة درون ذات النوع ديلير لأسجّلَ جميع مشاهد الانسحاب مروراً بأنغوليم ، و مونتوبان إلى تولوز ، و لِيقضي اللهُ أمراً كان مفعولاً ، و مِن شدّةِ خوف الفرنسيين و ملِكِهم من المسلمين لم يلحقوا بالجيش الإسلامي و تركوهم يغادرون بسلام .


جلست من النومِ و فتّحتُ عينيّ ، و استعدت هذا الحُلم الجميل و دوّنتُهُ على عُجالة ، و تمنّيتُ لو أني أملك آلةً للزمن و طائرة درون مُحمّلً على أطرافها كامرةً لأسجّل بمِدادٍ من ذهبٍ و ألماسٍ تاريخ أمّتنا العظيم

.
ماذا لو انتصرتَ يا غافقي ؟ أظنّ أنّ إيمانويل ماكرون هذه الأيام يؤم المسلمين في جامع باريس الكبير و خُطبتُه القادمة عن كيفية مواجهة الصين و الولايات المتحدة و مقاطعة بضائعهم رداً على إساءاتهم المتكرّرة على رسول الله ،
و لكن قدّر الله لحكمةٍ يعلمُها أن تبقى فرنسا كافرة طوال هذه القرون ، حتى انتشر الإسلام من جديد في مقاطعاتٍ فرنسيةٍ كثيرة بفعل سماحة الإسلام و كثرة اللاجئين الذين يأتون من إفريقيا بعد تهجيرهم من ديارهم , و سرقةِ ثرواتهم و إشعال الحروب في بلدانِهم .

على حسب الإحصائيات الحديثة فإنّ المسلمين سيصبحون
غالبية في فرنسا بحلول عام 2050 بفعلِ القوى الناعمة للمسلمين ، فهذا الدين لو أُتيح له المجال و لم يُحارب لأسلمت البشرية لموافقتِهِ مع صميم الفِطرة البشرية ، لذلك يُنفِّرون الناس من الإسلام و يرمونه بالإرهاب و الرجعية ليحاولوا وقف المد الإسلامي بعدما كان جزْراً ، ومهما حاولت فرنسا أو رئيسها التضييق على المسلمين أو تنفيرهم أو الاستهزاء بالنبي الكريم بتلك الرسومات الخبيثة فإن خُذلان فرنسا وماكرونها هي النتيجة الحتمية (كتب اللهُ لأغلبنّ أنا ورُسلي ) ، وها نحن نرى ليبيا وتركيا وأفغانستان تصفع ماكرون ، وتُثنّي استراليا وسويسرا والولايات المتحدة الصفعة إلى صفعات لدولة الفِرنجة بإلغاء صفقات عسكرية واقتصادية معهم وخسائر باريس بمئات المليارات ناهيك عن ما فعلته كورونا بهم ، وهكذا يأتي نصر الله لرسولِه من حيث لا نحتسب ، فهل يصدق الكاتب ميشيل وولباك الذي تنبّأ في كتابه سوميسيون " الاستسلام " عن وصول رئيس مسلم لِسُدّة الحكم في باريس عام 2022 ، " فانتظِروا إنّي معكم من المنتظرين "





أبو معاذ
د.عزيز الظفيري
azizfromkuwait@hotmail.com


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لوباتشينو والثقة المعدومة

بحّارة على نهر الفولغا

روعة اللحظة