المشاركات

اللقاح و الخرافة

تختلف توجهات الناس في أخذ اللقاح ضد فايروس الكوفيد بين مؤيّدٍ ومعارض . فالمؤيد يستند في وجهة نظره إلى الإيمان بالعلم والعلماء ، وأنّ أهل التخصّص من الأطباء والهيئات التمريضية ، و العلماء والباحثين هم أول من أخذ اللقاح ، وكذلك يستند إلى فوائد التطعيمات السابقة التي قضت على أمراض مثل الجدري ، والطاعون وشلل الأطفال ، ولو كان ثمّة ضرر يُراد للبشرية لما أخذه القادة والرؤساء والحُكّام ، ولكان الأولى فِعله في اللقاحات التي تُعطى للأطفال والرّضّع إن كانت هناك نيّة لسحق العنصر البشري بِزعمِهم !! بينما يرى الطرف الآخر إمّا التريّث وعدم الاستعجال ، أو عدم أخذ التطعيم لأسباب منها استناده على بعض المقاطع المُصوّرة التي تثير الشكوك ممّن لا شأن لهم بهذه الصّنعة ، وتشكيكهم في سرعة عمل هذه اللقاحات ، أو استنادهم على بعض غير المتخصّصين من الأطباء الذين يشكّكون في مدى فاعلية التطعيم ، أو منشأ البلدان المُصنّعة للّقاح ، أو مضاعفات مثل الموت بعد بضعة سنين أو العقم . هُنا أردت أن أستعرض بعض الحقائق العلمية عن بعض المسائل التي أثيرت حولها الشّبهات مؤخّراً ، و الذي عندما أفلس هؤلاء في صدّ الناس عن أخذ اللقاح...

المعارضة الرشيدة

  حكومي أو مع المعارضة ؟ سؤال طرحه علي أحد الأصدقاء ، الجواب بالنظر لما تقدّمه الدولة لي و لأبنائي أنا حكومي، و بالنظر لما أراه من فسادٍ و ضياع للحقوق أحياناً أنا معارض ، يقول : أنت براغماتي ، قلت سمّها ما شِئت . قلت له : الكويت الغالية على قلبي وُلدتُ في مستشفى حكومي فيها ، رعتني ، و رعت والِديّ مِن قبلي ، كبُرت و ترعرعت في ظل الأمن و الأمان الذي أنعُمُ به ، تبنّت تعليمي ، وفّرت لي ملابس المدرسة ، و الأكل المجاني فيها و الكتب . دخلتُ كلّية الطب على حساب الدولة ، توظّفت في وزارة الصحة و حصلت على الزمالة البريطانية ووفّرت لي بِعثة في جامعة بريتيش كولومبيا الكندية في فانكوفر ، و حصلت بفضل دعم دولتي على البورد الأمريكي و البورد و الزمالة الكندية . سؤالي لمن طرح علي السؤال ، ماذا لو لم تبتعثني الكويت ، هل أجد من معارضتك من يبتعثني ، قال : لا . قال : لكن هذه حقوقك التي كفلها لك الدستور الذي تحاول المعارضة التّشبّث فيه ، قلت : نعم قلت : لو كانت حكومة بلادي سيّئة لحرمتني من حقوقي كما هو الحال مع كثير من الدول و لفرّغت الدستور من محتواه و لأوجدت ألف سببٍ لعملها ذاك . قال لي لكن المعارضة صمّام ...

"دبلوماسية الغياب"

صورة
ممّا راق لي فضمّنتُهُ مُدوّنتي  يَقولُ أحد الحكماء:»آفَةُ البَشَرِ أنَّهُمْ يَفْقِدون  تَدْريِجِيًّا الإحْساسَ بِقيمَةِ الأشْياءِ إنْ هُم اعْتادُوا رُؤيَتَها كُلَّ يَوْمٍ! وَالرُّؤيَةُ تَكونُ أوْضَحَ وَأجْمَلَ دائمًا عَنْ بُعْدٍ، أمَّا الاقْتِرابُ فيَطْمِسَ أحْيانًا بَعْضَ مَعالِمِ الصُّورَةِ التي لا تُرى بِوُضوحٍ إلاّ مِنْ مَسافَةٍ مَعْقولَةٍ، تَمامًا كَما نَفْعَلُ حينَ نُشاهِدُ لَوحَةً جَميلَةً مُعَلَّقَةً عَلى الحائطِ، فَنَرْجِعُ إلى الخَلْفِ بِضْعَ خُطُواتٍ لِنَسْتَوْعِبَ تَفاصيلِها وَصورتَها الشّامِلَةِ وَقالَ أَحَدُ المشاكِسينَ: جُنَّ قَيْسُ لَيْلى مِنَ الصَّبابَةِ وَالبُعْدِ وَالحِرْمانِ، وَلَوِ اقْتَرَبَ مِنْ لَيْلى لجُنَّ مِنْها! ما أرْوَعَ السِّياسَةَ الَّتي اتَّخَذَها ذَانِكَ القُنْفُذانِ اللَّذانِ الْتَقَيَا في لَيْلَةٍ شاتِيَة مَطيرَةٍ؛ فَأرادا أنْ يَنالا الدِّفْءَ وَالحَنانَ، اقْتَرَبا كَثيرًا مِنْ بَعْضِهِما لِحَدِّ الالتِصاقِ فَانْغَرَزَ الشَّوْكُ في جَسَدَيْهِما، فَعانَيا مِنَ الألَمِ؛ فقرَّرا أنْ يَبْتَعِدا قَليلاً، لِشَيْءٍ مِنَ الدِّفْءِ وَقَليلٍ مِنَ الوَجَعِ! قَدي...

كوروناغراد

انطلق جهاز الإنذار المبكّر و دقّت أجراس صافرات الإنذار و أخذت تُدوّي في المحيط لمنطقة المعركة المحتملة ، و بدأت قطرات العَرق تنساب من أعلى الجبين خلال الدقيقة الأولى للتمرين على خِلاف العادة حيث تبدأ عملية التعرّق خلال العشر دقائق الأولى ، مما أوحى أنّ ثمّة اختراق لأنظمة الدفاعات لكن لا يُعلم السبب و المصدر ، و ربّما تشير أنّ العدو أطلق عيونه ليستكشف مكامن الضعف و نقاط الاختراق الهشّة . بدأ التعب و الإعياء و الأرهاق و جميع هذه المؤشّرات تدل على بدء التقاء طلائع الجيوش . خلال ثلاثة أيام من الرصد و التّرقّب بدأت أمارات المعركة باحتقان في الحلق و انسداد بالأنف مع رشح و تطوّر لاحقاً إلى فقد عمليّة الشم و التذوّق تدريجياً . انطلق وزير الإعلام إلى المجلس الأعلى للقيادة العامة و التقى القائد الأعلى للقوات المسلّحة ليخبرهُ بنتيجة الاختراق الإعلامي و التشويش على رادارات الدّفاع حيث أظهر الخصم إيجابية الفحص و أذاعها على الملأ من غير اكتراثٍ باستعدادات الجسم لاستدعاء قوات الاحتياط . بدأ التحام الجيوش ليلاً فارتفعت حرارة الأرض و بدأ تساقط الأبطال في ميدان المعركة الذي كان يتركّز في الرّئ...

النّدّية نهجاً

الندّية هي التنافس الشريف بين النّظراء القائم على الاعتزاز بالموروث و الاعتداد بالحاضر و المُضي للمستقبل  من غير تبعِية أو  انحناء للآخرين . فالنّدّية ، و هنا أخص بالذكر النّدّية في السياسية الإقليمية ،  مُمثّلةً بدول مجلس التعاون الخليجي هي ضرورة مُلِحّة  مُقابل الكيانات المحيطة بإقليمنا سواء الشرق الفارسي أو الشمال التركي أو الكيان الصهيوني وهي مسألة غاية في الأهمية في قادم السنوات . تربط بعض دول الخليج علاقات ثنائية مع بعض هذه الكيانات و هناك تبادل دبلوماسي و تجاري بين بعض تلك الكيانات و بعض دول الخليج ، لكن ما يربط دول الخليج بعضها ببعض أعظم و أهم ثقافياً و تجارياً و سياسياً و جغرافياً و تاريخياً و مصيراً مشتركا . فالمحافظة على تماسكنا و لُحمتنا الخليجية ، و منع اختراق دولنا خصوصاً بعدما طرأ من علاقات مع الكيان الصهيوني من بعض دول الخليج ، و إصلاح الاعتلالات التي حصلت و رأب الصّدع الخليجي و مد جسور الثقة من جديد و إظهار المرونة في ذلك هو أهم رافد للنّدّية ، يلي ذلك المحافظة على مصالح الخليج العُليا و السعي لتقارب الرّؤى ،  و الدفع باتجاه اتحاد خليجي فيما يخص السياسات الدفاعية الخا...

روعة اللحظة

في نهارٍ فكتوريٍ جميل على ضفاف المحيط الهادئ انطلقتُ من مسكني المجاور لمستشفى رويال جوبيلي في أول يوم عمل في هذه الجزيرة الفريدة . في ذلك الصباح الذي كان فيه كل شيء مبتسماً و في يدي قهوتي الفرنسية التي لا تزال ذاكرتي ترتشف من عبقِها ، قابلت البروفيسور ستيف سوليفان الذي بلغ من العمر قُرابة السبعين عاماً لكنّك ترى فيه القدر العالي من النشاط و الحيوية و الانتاجية التي ربّما لا تجدها عند الكثيرين ممّن يُسمّون أنفسهم شباباً . التقينا ذلك اليوم مع ثُلّةٍ من الزملاء و الزميلات الذين كانوا يتصبّبون حيويّةً و بهاءً . في لقاء التعارف الأول لنا و لمعرفة خطّة سير العمل في هذا المستشفى افتتح الدكتور سوليفان اللقاء مُعرباً عن شُكرِه لنا جميعاً لاختيارنا هذا المكان لنقضي فيه شهرين من أيام زمالتنا لنعمل و نتعلّم . من الأمور التي ظلّت راسخة في الذاكرة و لا تمحوها الأيام قوله عن " خلطتي السّريّة " للسعادة فأخذنا نستمع بلهفة له لنتعرّف على مكوّنات هذه الخلطة . قال : أولاً ، في أوقات العمل اعمل بإخلاصٍ و تفانٍ من أول دقيقةٍ إلى آخر ثانيةٍ في العمل و استمتع بجميع اللحظات الإنسانية التي تخد...

إصلاح الوعي الانتخابي

September 22 , 2020 كثيراً ما نرى و نقرأ عبارة " أُعلن عن ترشّحي لعضويّة مجلس الأمة "في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ، و هي مِفتاحٌ يبلّغ من خلاله المُرشّح الناس أنه مستعِد لخوض غِمار منافسةٍ ، غير معلومة العواقب ، للوصول للكُرسي الأخضر ، يتخلّل هذه المسيرة التعبويّة الكثير من التضحية و بذل الجُهد و الوقت و شحذ الهِمم و كسب الناس ، و تحييد الخصوم وتجييش الداعمين للرد على الإشاعات و تفنيد الأكاذيب و العمل على الدّعاية الإيجابية للمُرشّح . انحراف مجلس الأمة عن رسالتهِ و مهمّته الأساسية كجهةٍ رقابيةٍ و تشريعيةٍ جعل الكثير من الناس يكفرون بهذه التجربة الديمقراطية و ينزوون مُبتعدين عن المشاركة في الانتخابات ، مما يستدعي العقلاء و المثقّفين و أهل الرأي العمل على تصحيح هذا المسار المُنحرف و الأخذ على أيدي من عبث في بيت الشّعب و إعادة بعث هذا الصرح البرلماني ليتواكب مع تجربتنا الديمقراطية "الفريدة" في المنطقة . هنا ، أُريد أن ألتمس العُذر مِن ربّ العالمين أولاً " لِم تعِظون قوماً اللهُ مُهلِكُهُم أو مُعذّبهم عذاباً شديداً قالوا معذِرةً إلى ربّكم و لعلّهم يتّ...